5 قواعد يجب أن يتّبعها الأهل مع الطفل المتوحد
إن تربية طفل يعاني من التوحد تشكل تحديًا كبيرًا للأهل، حيث تتطلب هذه الحالة تفهمًا عميقًا، صبرًا مستمرًا، ونهجًا تربويًا خاصًا. التوحد هو اضطراب عصبي نمائي يؤثر على طريقة التواصل والتفاعل الاجتماعي لدى الطفل، ويصاحبه عادةً مجموعة من الأنماط السلوكية المتكررة والمحدودة. وقد يختلف كل طفل يعاني من التوحد في درجات الأعراض التي تظهر عليه. في هذا المقال، سوف نستعرض خمس قواعد أساسية يجب أن يتبعها الأهل مع الطفل المتوحد لضمان توفير بيئة تدعم نموه وتساعده على التكيف مع محيطه.
1. تعزيز التواصل باستخدام أساليب متعددة
تعتبر مهارات التواصل من أكثر المجالات التي تأثر على الأطفال المصابين بالتوحد. يواجه هؤلاء الأطفال صعوبة كبيرة في فهم وتطبيق اللغة اللفظية والغير لفظية، مما يتطلب من الأهل أن يكونوا أكثر إبداعًا ومرونة في طرق التواصل. بدلًا من الاعتماد فقط على الكلمات، يمكن للأهل استخدام الإشارات اليدوية، أو الصور، أو حتى التكنولوجيا الحديثة مثل الأجهزة اللوحية التي توفر تطبيقات خاصة بتعزيز التواصل.
من المهم أن يبدأ الأهل بتبني أسلوب بسيط ومرن عند التواصل مع الطفل. يفضل استخدام جمل قصيرة وواضحة، مع إشارات مرئية تدعم الكلمات المنطوقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأهل الاستفادة من الأساليب البديلة مثل لغة الإشارة أو الصور التي تمثل الأوامر والأنشطة اليومية. في كثير من الأحيان، يُظهر الأطفال المصابون بالتوحد تحسنًا ملحوظًا في قدرتهم على التواصل عندما يتمكنون من الاستجابة باستخدام وسائل غير لفظية.
2. توفير بيئة هادئة ومنظمة
الأطفال المصابون بالتوحد يعانون في الغالب من فرط التحسس للأصوات، الأضواء، والروائح، ما يجعلهم أكثر عرضة للإجهاد في بيئات غير منظمة أو مفرطة في التنبيه الحسي. وبالتالي، من الضروري أن يحرص الأهل على توفير بيئة هادئة وآمنة للطفل، حيث تكون العناصر المحيطة أقل إجهادًا له.
يمكن أن يتضمن ذلك استخدام الألوان الهادئة في غرفة الطفل، وتجنب استخدام الأضواء الساطعة أو الأصوات المزعجة. تنظيم الجدول الزمني اليومي أمر في غاية الأهمية أيضًا، حيث يُفضل أن يكون هناك روتين يومي ثابت يساعد الطفل على الشعور بالأمان والتوقع. التقليل من الفوضى في البيئة المحيطة وتحديد أماكن خاصة للأنشطة المختلفة مثل اللعب أو الدراسة يمكن أن يساعد الطفل على التركيز بشكل أفضل.
3. التركيز على تعزيز المهارات الاجتماعية
من التحديات الكبرى التي يواجهها الأطفال المتوحدون هي مهارات التفاعل الاجتماعي. غالبًا ما يجدون صعوبة في قراءة إشارات الآخرين وفهمها، وكذلك في التفاعل مع أقرانهم بطريقة طبيعية. من المهم أن يعمل الأهل على تعزيز مهارات الطفل الاجتماعية بشكل تدريجي وداعم.
واحدة من الطرق الفعالة لتحسين هذه المهارات هي التفاعل مع الطفل في بيئات اجتماعية مرنة، مثل الأنشطة الجماعية أو الألعاب التي تتطلب التفاعل مع الآخرين. يمكن للأهل استخدام القصص الاجتماعية التي تشرح للطفل كيفية التفاعل مع الآخرين في مواقف معينة، مثل كيفية التحية أو كيفية التحدث في مجموعة. كما يمكن أيضًا استخدام الأدوار التمثيلية لتعليم الطفل كيف يتصرف في مواقف اجتماعية متنوعة.
4. التعامل مع السلوكيات التكرارية والمشكلات السلوكية بهدوء وصبر
يُظهر العديد من الأطفال المصابين بالتوحد سلوكيات تكرارية مثل رفرفة اليدين، أو تكرار الكلمات، أو الحركة المستمرة. هذه السلوكيات قد تكون مصدر قلق للأهل، وقد يعتقد البعض أنها علامة على عدم السلوك الجيد، لكن من المهم أن يتفهم الأهل أن هذه السلوكيات قد تكون محاولة من الطفل للتعامل مع التوتر أو لتعبير عن احتياجاته.
يجب أن يكون التعامل مع هذه السلوكيات بشكل هادئ وصبور، مع تجنب الانفعالات أو العقوبات القاسية. من الأفضل أن يعمل الأهل مع مختصين في العلاج السلوكي مثل معالج سلوكي أو مختص في التربية الخاصة لوضع خطة لمعالجة هذه السلوكيات، مع استخدام تقنيات التعزيز الإيجابي عندما يظهر الطفل سلوكًا مناسبًا.
5. العمل مع المختصين والمشاركة في برامج التدخل المبكر
إحدى القواعد الأساسية التي يجب على الأهل اتباعها هي التعاون مع مختصين في علاج التوحد، والمشاركة في برامج التدخل المبكر. تشير الأبحاث إلى أن التدخل المبكر يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في تطوير المهارات اللغوية والسلوكية لدى الأطفال المصابين بالتوحد. يشمل ذلك العلاج الوظيفي، العلاج بالنطق، العلاج السلوكي، والدعم النفسي.
يُفضل أن يبدأ الأهل في البحث عن مختصين بمجرد اكتشاف علامات التوحد لدى الطفل، بحيث يتمكنوا من الحصول على التشخيص الدقيق والتوجيه المهني. التدخل المبكر يمكن أن يعزز بشكل كبير من فرص الطفل في التكيف مع البيئة المحيطة به وتحقيق تقدم في تطوره الشخصي والاجتماعي.
الختام
تربية طفل مصاب بالتوحد تتطلب جهدًا وعناية خاصة من الأهل. بتطبيق هذه القواعد الخمس، يمكن للأهل أن يوفروا بيئة داعمة ومناسبة تساعد الطفل على تطوير مهاراته والتفاعل مع العالم من حوله. من خلال تعزيز التواصل، توفير بيئة منظمة، تعزيز المهارات الاجتماعية، التعامل مع السلوكيات بهدوء وصبر، والتعاون مع المختصين، يمكن للأهل أن يلعبوا دورًا مهمًا في تحقيق تقدم كبير في حياة الطفل المتوحد.
